قانون العمل
K. A. L. | مكتب المحاماة
مقدمة في قانون العمل التركي
يُحكم قانون العمل التركي بشكل أساسي بواسطة قانون العمل رقم 4857، الذي ينظم حقوق وواجبات الموظفين وأصحاب العمل. تم سن هذا القانون في عام 2003 بهدف توحيد معايير العمل التركية مع المعايير الدولية، وخاصة تلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي. يشمل القانون مجموعة واسعة من الموضوعات بما في ذلك عقود العمل، وظروف العمل، والأجور، والإجازات، وإنهاء العمل. يهدف القانون إلى ضمان المعاملة العادلة، وحماية حقوق الموظفين، وتعزيز بيئات العمل الآمنة والصحية.
أحد المبادئ الأساسية لقانون العمل التركي هو حماية حقوق الموظفين. يشمل ذلك أحكام الحد الأدنى للأجور، وساعات العمل، وأجور العمل الإضافي، والضمان الاجتماعي. يحدد القانون حداً أقصى لساعات العمل يبلغ 45 ساعة في الأسبوع، وتعتبر أي ساعات إضافية كعمل إضافي ويجب تعويضها بمعدل أعلى.
كما يؤكد قانون العمل على أهمية عقود العمل المكتوبة، خاصة للعقود المحددة المدة التي تتجاوز مدتها سنة واحدة. يجب أن تحتوي هذه العقود على شروط أساسية مثل وصف الوظيفة، والأجور، وساعات العمل.
كما يتضمن القانون آليات لتسوية النزاعات، توفر وسائل لكل من الموظفين وأصحاب العمل لمعالجة الشكاوى. يشمل ذلك عمليات الوساطة والتقاضي التي تهدف إلى حل النزاعات بشكل عادل وفي الوقت المناسب.
بشكل عام، يهدف قانون العمل التركي إلى تحقيق توازن بين مصالح الموظفين وأصحاب العمل، وتعزيز بيئة عمل تعاونية ومنتجة.
عقود العمل
يمكن أن تكون عقود العمل في تركيا مكتوبة أو شفهية ولكن يجب أن تتضمن عناصر أساسية مثل طبيعة العمل، والأجور، وساعات العمل. هناك أنواع مختلفة من عقود العمل، بما في ذلك العقود غير المحددة المدة، والعقود المحددة المدة، والعقود الجزئية، والعقود الكاملة. ينص قانون العمل رقم 4857 على أن العقود المكتوبة إلزامية للعقود المحددة المدة التي تتجاوز مدتها سنة واحدة.
العقود غير المحددة المدة هي الشكل الأكثر شيوعًا ولا تحتوي على تاريخ انتهاء محدد. تستمر هذه العقود حتى ينهي أحد الأطراف الاتفاقية وفقاً للشروط المنصوص عليها في القانون. أما العقود المحددة المدة فلها تاريخ انتهاء محدد وتُستخدم غالبًا للتوظيف المؤقت أو القائم على المشروع. ومع ذلك، لا يمكن تجديد هذه العقود بشكل متكرر بدون سبب وجيه، لأن ذلك سيحولها إلى عقود غير محددة المدة.
العقود الجزئية تكون للموظفين الذين يعملون ساعات أقل من الساعات الأسبوعية القياسية، عادة أقل من 30 ساعة في الأسبوع. العقود الكاملة تتوافق مع ساعات العمل القياسية البالغة 45 ساعة في الأسبوع. كلا الموظفين الجزئيين والكاملين لهم نفس الحقوق والحمايات بموجب قانون العمل، بما في ذلك استحقاقات الضمان الاجتماعي، والإجازات، والحد الأدنى للأجور.
يجب أن تنص عقود العمل بوضوح على وصف الوظيفة، وساعات العمل، وشروط الأجور والدفع، والشروط الأساسية الأخرى للتوظيف. من المهم أيضًا تضمين أحكام لفترات التجربة، إن وجدت، والتي تستمر عادة لمدة تصل إلى شهرين ولكن يمكن تمديدها إلى أربعة أشهر للمناصب الإدارية.
يمكن أن يؤدي عدم الامتثال لهذه المتطلبات إلى نزاعات قانونية وعقوبات على أصحاب العمل. لذلك، يُنصح بأن يضمن الطرفان تعريف جميع الشروط بوضوح والموافقة عليها في العقد.
ساعات العمل والعمل الإضافي
ساعات العمل القياسية في تركيا هي 45 ساعة في الأسبوع، موزعة عادة على ستة أيام. ينص قانون العمل رقم 4857 على ألا يتجاوز وقت العمل اليومي 11 ساعة. يعتبر أي عمل يتجاوز الساعات القياسية البالغة 45 ساعة في الأسبوع عملاً إضافياً ويجب تعويضه بأجر إضافي. عادةً ما تكون أجور العمل الإضافي بمعدل 1.5 ضعف الأجر الساعي العادي.
يمكن للموظفين أيضًا اختيار أخذ وقت راحة تعويضي بدلاً من أجر العمل الإضافي، بموافقة صاحب العمل. يجب منح وقت الراحة التعويضي في غضون ستة أشهر بعد العمل الإضافي. يحدد القانون حداً أقصى للعمل الإضافي يبلغ 270 ساعة سنويًا.
كما توجد أحكام للعمل الليلي، والذي يُعرّف بأنه العمل الذي يتم بين الساعة 8:00 مساءً و6:00 صباحًا. يجب ألا يتجاوز العمل الليلي 7.5 ساعات في اليوم. يحق للموظفين الذين يعملون ليلاً الحصول على حماية خاصة ومزايا نظرًا للمخاطر الصحية والأمنية المرتبطة بالعمل الليلي.
يتم أيضًا تنظيم فترات الراحة والراحة اليومية. يحق للموظفين الحصول على فترة راحة واحدة على الأقل خلال يوم العمل، حسب طول ساعات العمل. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك فترة راحة لا تقل عن 11 ساعة بين يومي عمل.
الأجور والمدفوعات
يحدد قانون العمل التركي إطارًا لتحديد الأجور والمدفوعات، مما يضمن حصول الموظفين على تعويض عادل عن عملهم. يتم تحديد الحد الأدنى للأجور في تركيا من قبل الحكومة ويُراجع سنويًا. يتعين على أصحاب العمل دفع الحد الأدنى للأجور على الأقل لجميع الموظفين، بغض النظر عن القطاع أو الوظيفة.
يجب دفع الأجور بالليرة التركية وبشكل منتظم، على الأقل مرة واحدة في الشهر. يمكن أن يتم الدفع عن طريق التحويل المصرفي أو نقدًا. يتعين على أصحاب العمل تقديم قسيمة راتب مفصلة للموظفين توضح الراتب الإجمالي، والخصومات، والراتب الصافي.
بالإضافة إلى الرواتب العادية، يحق للموظفين الحصول على بدلات ومزايا مختلفة. قد تشمل هذه البدلات بدل النقل وبدل الوجبات، والمكافآت، وأشكال أخرى من التعويضات المتفق عليها في عقد العمل. يتعين على أصحاب العمل أيضًا دفع مساهمات الضمان الاجتماعي نيابة عن موظفيهم، والتي تشمل التأمين الصحي، وتأمين البطالة، ومساهمات التقاعد.
تخضع الخصومات من الأجور لتنظيم صارم ولا يمكن القيام بها إلا لأسباب محددة مثل الضرائب، ومساهمات الضمان الاجتماعي، والخصومات التي تأمر بها المحكمة. تتطلب أي خصومات أخرى موافقة خطية من الموظف.
ينص قانون العمل أيضًا على أن الموظفين الذين يعملون في العطلات الرسمية أو أيام الراحة يحق لهم الحصول على تعويض إضافي. عادةً ما يكون هذا التعويض بمعدل لا يقل عن ضعف الأجر الساعي العادي.
الإجازات والعطلات
يحق للموظفين في تركيا الحصول على أنواع مختلفة من الإجازات، مما يضمن حصولهم على وقت كافٍ للراحة والشؤون الشخصية. الإجازة السنوية المدفوعة هي حق أساسي لجميع الموظفين الذين أكملوا عامًا واحدًا على الأقل من الخدمة مع نفس صاحب العمل. تعتمد مدة الإجازة السنوية على طول مدة الخدمة:
- 1 إلى 5 سنوات من الخدمة: 14 يومًا من الإجازة السنوية
- 5 إلى 15 سنة من الخدمة: 20 يومًا من الإجازة السنوية
- أكثر من 15 سنة من الخدمة: 26 يومًا من الإجازة السنوية
يحق للموظفين الشباب (دون 18 عامًا) والموظفين الكبار (أكثر من 50 عامًا) الحصول على حد أدنى للإجازة السنوية قدره 20 يومًا، بغض النظر عن مدة خدمتهم.
بالإضافة إلى الإجازة السنوية، يحق للموظفين الحصول على العطلات الرسمية التي تحددها الحكومة. تشمل هذه العطلات الأعياد الوطنية والدينية مثل رأس السنة الميلادية، ويوم السيادة الوطنية ويوم الطفل، ويوم الجمهورية، والأعياد الدينية عيد الفطر وعيد الأضحى.
يحق للموظفين أيضًا الحصول على إجازة مرضية، وإجازة أمومة، وإجازة أبوة. تُمنح الإجازة المرضية عند تقديم تقرير طبي، وتعتمد مدتها على طبيعة وشدة المرض. تستمر إجازة الأمومة لمدة 16 أسبوعًا، مقسمة إلى 8 أسابيع قبل و8 أسابيع بعد الولادة. يحق للآباء الحصول على 5 أيام من إجازة الأبوة بعد ولادة طفلهم.
تشمل أنواع الإجازات الأخرى إجازة الزواج (3 أيام)، إجازة الحداد (3 أيام)، والإجازة لأسباب شخصية أخرى كما هو منصوص عليه في عقد العمل أو اتفاقية العمل الجماعية.
إنهاء العمل
يتم تنظيم إنهاء العمل في تركيا لحماية كل من الموظفين وأصحاب العمل. يمكن إنهاء العمل إما من قبل الموظف (الاستقالة) أو من قبل صاحب العمل (الفصل). يتم تنظيم الأسباب والإجراءات لإنهاء العمل بواسطة قانون العمل رقم 4857.
يجب على الموظفين الراغبين في الاستقالة تقديم إشعار إلى صاحب العمل. تعتمد فترة الإشعار على مدة الخدمة:
- حتى 6 أشهر من الخدمة: إشعار لمدة أسبوعين
- من 6 أشهر إلى 1.5 سنة من الخدمة: إشعار لمدة 4 أسابيع
- من 1.5 إلى 3 سنوات من الخدمة: إشعار لمدة 6 أسابيع
- أكثر من
3 سنوات من الخدمة: إشعار لمدة 8 أسابيع
يجب على أصحاب العمل أيضًا تقديم إشعار للموظفين عند إنهاء عملهم. فترات الإشعار هي نفس تلك الخاصة باستقالة الموظفين. خلال فترة الإشعار، يحق للموظفين الحصول على ساعتين يوميًا للبحث عن عمل جديد.
هناك أسباب محددة يمكن لصاحب العمل من خلالها إنهاء العمل بدون إشعار. تشمل هذه الأسباب سوء السلوك الخطير، مثل السرقة، والعنف، أو إفشاء المعلومات السرية. في مثل هذه الحالات، يجب على صاحب العمل إنهاء العمل في غضون ستة أيام عمل من علمه بالسلوك السيء.
إذا فصل صاحب العمل موظفًا بدون سبب وجيه، يمكن للموظف تقديم دعوى فصل تعسفي. في هذه الحالات، قد يتعين على صاحب العمل إعادة الموظف إلى وظيفته أو دفع تعويض يعادل حتى ثمانية أشهر من الأجر.
يعد دفع التعويضات إلزاميًا للموظفين الذين أكملوا سنة خدمة واحدة على الأقل وتم إنهاء عملهم لأسباب غير الاستقالة، أو التقاعد، أو سوء السلوك الخطير. يتم حساب التعويض بناءً على مدة خدمة الموظف ويعادل 30 يومًا من الأجر لكل سنة خدمة.
حقوق وواجبات الموظفين
يتمتع الموظفون في تركيا بمجموعة واسعة من الحقوق التي تهدف إلى حماية رفاههم وضمان معاملة عادلة. تشمل الحقوق الأساسية:
- الحق في أجور عادلة: يحق للموظفين الحصول على الحد الأدنى للأجور على الأقل الذي تحدده الحكومة.
- الحق في ظروف عمل آمنة: يجب على أصحاب العمل توفير بيئة عمل آمنة وصحية، والامتثال للوائح الصحة والسلامة المهنية.
- الحق في الضمان الاجتماعي: يتم تغطية الموظفين بواسطة الضمان الاجتماعي، الذي يشمل التأمين الصحي، والتأمين ضد البطالة، ومزايا التقاعد.
- الحق في عدم التمييز: يجب ألا يتعرض الموظفون للتمييز على أساس الجنس، أو العمر، أو العرق، أو الدين، أو الخصائص المحمية الأخرى.
- الحق في الخصوصية: يحق للموظفين الحفاظ على خصوصية بياناتهم الشخصية واتصالاتهم.
كما يتحمل الموظفون واجبات تجاه أصحاب العمل، بما في ذلك:
- واجب الولاء: يجب على الموظفين التصرف بما يخدم مصلحة صاحب العمل وتجنب أي تضارب في المصالح.
- واجب السرية: يجب على الموظفين الحفاظ على سرية المعلومات التي يتم الحصول عليها خلال عملهم وعدم الكشف عنها لأطراف ثالثة.
- واجب العناية: يجب على الموظفين أداء واجباتهم بعناية ووفقًا لشروط عقد العمل.
قد يؤدي عدم الوفاء بهذه الواجبات إلى اتخاذ إجراءات تأديبية، بما في ذلك إنهاء العمل.
حقوق وواجبات أصحاب العمل
يتمتع أصحاب العمل في تركيا بحقوق وواجبات تهدف إلى الحفاظ على بيئة عمل عادلة ومنتجة. تشمل الحقوق الأساسية:
- الحق في إدارة القوى العاملة: يحق لأصحاب العمل إدارة قواهم العاملة، بما في ذلك التوظيف، وتكليف المهام، وتحديد ساعات العمل.
- الحق في اتخاذ إجراءات تأديبية: يمكن لأصحاب العمل اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الموظفين بسبب سوء السلوك أو ضعف الأداء، وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في عقد العمل وقانون العمل.
- الحق في إنهاء العمل: يمكن لأصحاب العمل إنهاء العمل لأسباب وجيهة، شريطة الامتثال لمتطلبات الإشعار والتعويضات.
كما يتحمل أصحاب العمل واجبات كبيرة، بما في ذلك:
- توفير ظروف عمل آمنة: يجب على أصحاب العمل ضمان أن يكون مكان العمل آمنًا ويتوافق مع لوائح الصحة والسلامة المهنية.
- دفع أجور عادلة: يجب على أصحاب العمل دفع الحد الأدنى للأجور على الأقل وضمان دفع الأجور والمزايا في الوقت المحدد.
- المساهمة في الضمان الاجتماعي: يجب على أصحاب العمل دفع مساهمات الضمان الاجتماعي بانتظام نيابة عن موظفيهم.
- منع التمييز: يجب على أصحاب العمل ضمان أن تكون ممارسات التوظيف الخاصة بهم غير تمييزية وتتوافق مع قوانين المساواة.
يمكن أن يؤدي عدم الامتثال لهذه الواجبات إلى عقوبات قانونية ومطالبات تعويض من الموظفين.
تسوية النزاعات والتقاضي
تشمل تسوية النزاعات في سياق قانون العمل التركي عدة آليات لمعالجة النزاعات بين الموظفين وأصحاب العمل. تهدف هذه الآليات إلى حل النزاعات بشكل عادل وفي الوقت المناسب، مع تقليل الاضطرابات في مكان العمل.
الخطوة الأولى في حل نزاعات العمل هي التفاوض المباشر بين الموظف وصاحب العمل. إذا فشلت المفاوضات المباشرة، يمكن للأطراف اللجوء إلى الوساطة. الوساطة هي عملية طوعية وسرية حيث يساعد طرف ثالث محايد الأطراف المتنازعة على التوصل إلى اتفاق. يشجع قانون العمل على الوساطة لأنها غالباً ما تكون أسرع وأقل عدائية من التقاضي.
إذا فشلت الوساطة، يمكن إحالة النزاع إلى محاكم العمل. تختص محاكم العمل في تركيا بحل النزاعات المتعلقة بالعمل ولها السلطة للفصل في الدعاوى المتعلقة بالفصل التعسفي، نزاعات الأجور، التمييز في مكان العمل، وغيرها من القضايا المتعلقة بالتوظيف. تشمل عملية المحكمة تقديم دعوى، وتقديم الأدلة، وحضور الجلسات. يمكن استئناف قرارات محاكم العمل أمام المحاكم العليا.
في النزاعات التي تنطوي على اتفاقيات العمل الجماعية، تلعب النقابات العمالية دورًا حاسمًا. يمكن للنقابات العمالية تمثيل الموظفين في المفاوضات مع أصحاب العمل وفي النزاعات الجماعية. إذا لم يتم حل النزاع الجماعي من خلال المفاوضات أو الوساطة، فقد يؤدي ذلك إلى اتخاذ إجراءات صناعية، مثل الإضرابات أو الإغلاقات.
خاتمة
يوفر قانون العمل التركي إطارًا شاملاً لتنظيم علاقة العمل، وحماية حقوق الموظفين مع موازنة مصالح أصحاب العمل. تشمل العناصر الرئيسية للقانون تنظيم عقود العمل، وساعات العمل، والأجور، والإجازات، وإجراءات إنهاء العمل. كما يحدد القانون آليات لتسوية النزاعات بين الموظفين وأصحاب العمل، وتعزيز الحلول العادلة وفي الوقت المناسب.
يعد فهم تفاصيل قانون العمل التركي أمرًا ضروريًا لكل من الموظفين وأصحاب العمل لضمان الامتثال والحفاظ على بيئة عمل متناغمة. من خلال الالتزام بأحكام قانون العمل، يمكن للطرفين تعزيز بيئة عمل تعاونية ومنتجة تعود بالنفع على جميع أصحاب المصلحة.